[التشدد و الغلو في الدين في حياة المسلمين الملتزمين
إن الدعوة إلى الله عز وجل صارت الآن وما زالت بين طرفين ووسط .
أما الطرفان فجانب الإفراط ، بحيث يكون الداعية شديدًا في دين الله يريد من عباد الله عز وجل أن يطبقوا الدين بحذافيره ، ولا يتسامح عن شيء الدين يسمح به، بل إنه إذا رأى من الناس تقصيرًا حتى في الأمور المستحبة تأثر تأثرًا عظيمًا ، وذهب يدعو هؤلاء القوم المقصرين دعاء الغليظ الجافي ، وكأنهم تركوا شيئًا من الواجبات، ومن الأمثلة على ذلك :
المثال الأول : رجل رأى جماعة من الناس لا يجلسون عند القيام إلى الركعة الثانية ، أو عند القيام إلى الركعة الرابعة ، وهي التي تسمى عند أهل العلم جلسة الاستراحة ، هو يرى أنها سنة ، ومع ذلك إذا رأى من لا يفعلها اشتدّ عليه ، وقال : لماذا لا تفعلها؟ ويتكلم معه تكلم من يظهر من كلامه أنه يقول بوجوبها ، مع أن بعض أهل العلم حكى الإجماع على أن هذه الجلسة ليست بواجبة ، وأن خلاف العلماء فيها دائر بين ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنها مستحبة على الإطلاق .
القول الثاني : ليست مستحبة على الإطلاق .
القول الثالث : أنها مستحبة لمن كان يحتاج إليها ، حتى لا يشقّ على نفسه كالكبير ، والمريض ، ومن في ركبه وجعٌ ، وما أشبه ذلك .
فيأتي بعض الناس ، ويشدد فيها ، ويجعلها كأنها من الواجبات .
المثال الثاني: بعض الناس يرى شخصًا إذا قام بعد الركوع ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، قال : أنت مبتدع لا بد أن تسدل يديك ، فإن وضعتهما على الصدر فإن ذلك من البدع والمنكرات ، مع أن المسألة مسألة اجتهادية ، وقد يكون الدليل مع من قال : إن اليدين توضعان بعد الركوع على الصدر ، كما توضعان قبله أيضًا على الصدر؛ لأن هذا هو مقتضى الحديث الذي رواه البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : « كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة » .
في شريعة النبي صلي الله عليه وسلم ، هذا تشديد. ، فانظر إلى الفقه في الشريعة والتسامح والتيسير فيها . هذا كله يدل على أنه لا ينبغي لنا ، بل لا يجوز لنا أن نغلو في دين الله ، سواء أكان في دعاء غيرنا إلى دين الله ، أم في أعمالنا الخاصة بنا ، بل نكون وسطًا مستقيمًا كما أمرنا الله تعالى بذلك ، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فالله عز وجل يقول: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. والنبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : « لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم » ، وأخذ حصيات وهو فيأثناء مسيره من مزدلفة إلى منى أخذ حصيات بكفه وجعل يقول : « يا أيها الناس بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين » .
جعلنا الله من المتبعين لسنة النبي الأمين .
وجزاكم الله خيرا
جمع وترتيب /أبو انس
أحمد محمد معوض مزروع
الفارس الكريم المغوار[/color][/size][/size][/color]